اليهود موسى، واتهموه فيما وعدهم به من الخلاص من يد عدوهم، ومن التمكين لهم في الأرض، وقد صدق الله وعده، وأنجز لموسى ما وعده في قومه.. وكما صدق الله وعده موسى في قومه، سيصدق الله وعده «محمدا» فى قومه، فيكبت عدوّهم، ويمكنّ لهم في الأرض.. وكما كان موسى وجيها عند الله، ذا منزلة عالية عنده، سيكون محمدا وجيها عند ربه، فى مقام رفيع عنده..
فليكن للمنافقين والذين في قلوبهم مرض في هذا عبرة وموعظة، وليقتلوا في نفوسهم تلك الشكوك وهذه الريب في صدق الرسول.. فإنهم إن فعلوا سلمت قلوبهم من النفاق، وصحّت من المرض، وأصبحوا في عباد الله المؤمنين، الذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان، وخلت مشاعرهم من الشكوك والتّهم، فلم تنطق ألسنتهم بالزور والبهتان.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى في الآية التالية، والآية التي بعدها.
إنهم على إيمان وثيق بالله، قد امتلأت قلوبهم بتقواه، وخشيته، فلا يقولون زورا، ولا ينطقون بهتانا، وإنما قولهم الحق، ومنطقهم الصدق.. وبهذا يصلح الله أعمالهم، ويتقبلها منهم، ويغفر لهم ذنونهم.. وهذا لا يكون إلا لمن أطاع الله ورسوله:«وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً» .. إذ أنه لا فوز أعظم من النجاة من عذاب الله، والفوز بدخول الجنة:«فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ»(١٨٥: آل عمران)