للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين النبىّ وأصحابه- إذ عجزوا عن أن يحكموا فى هذه القضية فى الدنيا، فإن القضية ستحال إلى الآخرة، وسيفصل فيها أحكم الحاكمين، يوم يجمع الله الناس جميعا.. «قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا» يوم القيامة «ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ» أي يحكم بيننا بالحق.. «وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ» أي الحكم العدل، الذي يحكم عن علم محيط بكل شىء.

قوله تعالى:

«قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ.. كَلَّا.. بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» بعد هذه الدعوة الحكيمة الرفيقة، التي لانت- أو ينبغى أن تلين لها- القلوب من المشركين- كانت المواجهة مرة أخرى بين المشركين ومعبوداتهم، ليعيدوا النظر إليها، بعد هذا البيان المبين من آيات الله..

وقوله تعالى: «أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ» أي أين هم هؤلاء الذين تعبدونهم من دون الله؟. وماذا ترون فيهم إذا نظرتم إليهم؟ أترون غير خشب مسندة، وأحجار منصوبة؟ أهذه الدمى يصح أن تلحق بالله، وتضاف إليه، وتحسب شركاء له؟ «كلا» فما يقبل هذا منطق، ولا يستسيغه عقل..

«بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» الذي عزّ فحكم، فلا يشاركه أحد فى ملكه، ولا يدخل معه أحد فى تدبيره..

هذا هو الإله الذي يجب أن يعبد.. أما من لا يستقلّ بسلطان هذا الوجود، ولا بالقيام عليه، فلا يصح أن يكون إلها.. فكيف بمن لا يملك مثقال ذرة؟

وكيف بمن كان دمية، لا تدفع عن نفسها لطمة يد، أو ركلة رجل؟.

لقد رأى بعض الأعراب ربّا من هذه الأرباب، وقد وقعت الطير على رأسه

<<  <  ج: ص:  >  >>