الفعل معنى الإلقاء، والترامي والتراشق بالشيء نفسه.. فكأنهم يترامون بهذا القول، ويرجم به بعضهم بعضا..
وقوله تعالى:«يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ» - بيان للقول الذي يترامون به، والتهم التي يلقى بها بعضهم على بعض.. وقد بدأ المستضعفون بإلقاء اللائمة على رؤسائهم، وسادتهم، الذين تولوا قيادة الحملة الضالة، ضد دعوة الحق والهدى، فجندوا هؤلاء الضعفاء، وقادوهم إلى المعركة، فكانوا فى الهالكين- بدأ المستضعفون بالرمي بالتهم، لأنهم هم المجنىّ عليهم من سادتهم ورؤسائهم..
- وفى قولهم:«لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ» إشارة إلى أن الإيمان فطرة مركوزة فى الإنسان، وأنه لو ترك الإنسان وشأنه دون أن تدخل عليه مؤثرات من الخارج، تفسد عليه فطرته، وتشوش عليه رأيه- لامن بالله، عن طريق النظر العقلي، ولاستجاب لدعوة الهدى من غير تردد.
قوله تعالى:
«قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ.. بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ» وألقى الكبراء القول إلى أتباعهم، وردّوا التهمة التي اتهموهم بها، وأنكروا أنهم كانوا سببا فى صدّهم عن الهدى:«أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ؟» إنا لم نقسركم على شىء، ولم نكرهكم على ما دعوناكم إليه..
وقد صدق هؤلاء المستكبرون، وكذبوا فى آن معا..
صدقوا، لأنهم لم يكن فى وسعهم أن يردّوا هؤلاء المستضعفين عن