للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصف.. ومن صور الجواب، التي تقع فى التصور أن الذي يراهم فى تلك الحال، يرى أهوالا يموج فيها القوم، لا يستطيع الناظر أن ينظر إليها، وبملأ عينيه منها.. إنها شىء مخيف.. مفزع.. فظيع! والمكان القريب الذي أخذوا منه، هو دنياهم التي كانوا فيها.. وهى- أيّا كانوا منها- قريبة إلى الله، فكل شىء فى الوجود قبضته يده! قوله تعالى:

«وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» .

هو معطوف على قوله تعالى: «وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ» .. أي أنهم فى هذه الحال، يقولون «آمنا به» أي بالقرآن، أو بالرسول وبما جاء به..

- وقوله تعالى: «وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» «أنّى» بمعنى كيف. وهو استفهام يراد به الاستبعاد..

والتناوش: التناول خطفا بأطراف الأصابع، حيث تقصر اليد عن تناول الشيء، فتلمسه، ولا تتمكن منه، فتكثر لذلك حركة اليد، قبضا وبسطا..

والمعنى أنهم إذ يقولون آمنا بالله، وبكتابه، يتعلقون بآمال كاذبة، ويمسكون بخيط من الوهم.. فقد بعدت بينهم وبين مطلبهم الشقة.. إنهم فى عالم غير هذا العالم الذي كان ينفعهم فيه هذا القول.. وإنه لمحال أن يعودوا إلى هذا العالم.. إنه مكان بعيد عنهم.. إنه الدنيا.. وهم فى الآخرة.. وما أبعد المسافة بين الدنيا والآخرة بالنسبة لهم!! وفى التعبير بالتناوش، عن الأمل الذي يراودهم فى هذا الموقف، بإعلان الإيمان- إعجاز من إعجاز القرآن، فى صدق الأداء، وروعته، ودقته.. فالأمل الذي يتعلقون به، لا يمسكون منه بشىء.. إنه لا يكاد يظهر حتى يختفى، ثم يظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>