كشفت الآيات السابقة عن وجه الأرباب التي يتعبد لها المشركون، وأنها لا تسمع دعاء، ولو سمعت ما استجابت لداعيها، لأنها لا تملك شيئا..
- وفى قوله تعالى:«يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ» دعوة للناس أن يتجهوا بحاجاتهم إلى من يملك كل شىء، ومن بيده الخير كله.. والناس جميعا فى حاجة دائمة إلى من يعينهم، ويقضى حوائجهم، وهم يتوسلون إلى هذا بكثير من الوسائل، ومنها عبادة الأصنام، والملائكة والجنّ، والملوك وأصحاب الجاه والسلطان، يبغون بذلك الخير منهم.. وكلهم إنما يتناولون ما بين أيديهم من جاء، أو سلطان، أو مال- من عطاء الله.. إنهم فقراء إلى الله..
إن حبس عنهم العطاء، كانوا أفقر الفقراء، وأضعف الضعفاء.. وإذن فالناس جميعا- غنيّهم وفقيرهم- فقير إلى الله.. «كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً»(٢٠: الإسراء) وقوله تعالى: «وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» حثّ للناس على الطلب من الله، والرغب إليه فيما عنده.. فإنه سبحانه غنىّ، لا تنفذ خزائنه، ولا تنقص بالعطاء أبدا.. «وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ»(٣٢: النساء) فهو سبحانه يستجيب لمن سأله، ويعطيه ما شاء من فضله.. وهو سبحانه «حميد» أي يحمد لعباده ما يلقون به عطاءه، من حمد وشكر، أيّا كان هذا العطاء، قليلا أو كثيرا..
إنه فضل من فضل وإحسان من إحسانه.. وإن من لا يشكر على القليل لا يشكر على الكثير..
قوله تعالى:
«إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ» أي إن من فقركم إلى الله، أيها الناس، هو احتياجكم إليه فى حفظ حياتكم..