للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا يتجلّى لليهود سوء ما مكروا: «وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» .

لقد دبّروا هذا التدبير السيء، فأبطل الله تدبيرهم، وردّ كيدهم فى نحورهم، وإذا هم وقد أرادوا أن يخرجوا المسيح من ملكوت الله، قد أخرجهم الله من ملكوته، وصبّ عليهم لعنته، وحمّلهم دم نبىّ لم يقتلوه، وقد خيل إليهم أنهم قتلوه! «١» وفى قوله تعالى: «إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا» يتعلق الظرف «إذ» بقوله تعالى فى الآية قبلها:

«وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» أي مكر الله وتدبيره هو خير من مكرهم وتدبيرهم ثم علل لذلك وبينه بقوله:

«إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى ... الآية» .

فقد أوحى الله سبحانه إلى عيسى عليه السّلام بما بيّت الله القوم، ووعده سبحانه بأنهم لن ينالوا منه الذي أرادوا فيه، إذ أنه سبحانه سيوفّيه أجله المقدور له، غير منقوص منه شىء، وأن موته بيد الله لا بأيديهم، وسيرفع الله منزلته عنده، ويجعله من عباده المقربين إليه، ويطهره من اليهود فلا يصلب، ولا تمسه اللعنة، التي أرادوا أن يلبسوه إياها بصلبه! وقوله تعالى: «وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ»


(١) سوف نعرض هذه القضية قضية صلب المسيح عند تفسير الآيتين ١٥٧، ١٥٨ من سورة النساء- ومن أراد دراسة هذه القضية من جميع جوانبها فلينظر فى كتابنا «المسيح فى القرآن»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>