التفسير: فى هاتين الآيتين بيان لما تضمنه قوله تعالى فى الآية السابقة عليهما:
«ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» وفى هذا الفصل ينكشف الكافرون، ويعرف المؤمنون، ويفرّق بينهما فى الموقف.. كل جماعة فى جهة.. ثم يكون الجزاء لكل من الفريقين حسب عمله.. فأما الذين كفروا فلهم عذاب شديد، ليس له من الله دافع، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفون أجرهم كاملا، وتتلقاهم الملائكة تزفّهم إلى جنات النعيم.
وفى قوله تعالى:«فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ» ما يسأل عنه، وهو: كيف يعذبون عذابا شديدا فى الدنيا، وهم الآن فى الآخرة وفى موقف الحساب؟
والجواب عن هذا، هو أن هذا الوعيد من الله سبحانه وتعالى وعيد قديم، ولكنه يتجدد بتجدد الأزمان والأحداث، فيقع العلم به للمنذرين فى الوقت الذي ينذرون به، لا يوم القيامة والحساب..
وفى قوله تعالى:«وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» ما يسأل عنه أيضا.. إذ كيف يتناسب هذا، بعد قوله تعالى:«فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ» ؟
والجواب عن هذا، هو أن المؤمنين قد بشّروا به فى قوله تعالى:
«فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ» وأنهم قد اطمأنوا إلى هذا الوعد الكريم، ونعموا به، وإن نعيمهم ليتضاعف حين ينظرون إلى أصحاب النّار وما يلاقون فيها من عذاب الهون، فيسبّحون بحمد الله إذ نجاهم من هذا البلاء، وغمرهم بفضله ونعمه- إن المؤمنين وهم فى تلك الحال ليسألون عن عذاب أهل العذاب،