يديها الآن، ومن هذا التعقيب يكون المنطلق الذي تنطلق فيه الآيات بعد هذا، فتواجه المشركين الذين استمعوا إلى هذا المثل، وتعرض عليهم مشاهد من قدرة الله سبحانه وتعالى، ومن آثار رحمته فى خلقه، لعلهم يجدون فى هذه المشاهد، ما يفتح قلوبهم وعقولهم إلى الله، حتى يؤمنوا، ويلحقوا بركب المؤمنين، قبل أن تفلت من أيديهم تلك الفرصة السانحة، ثم لا يكون منهم إلا الحسرة والندم، ولات ساعة مندم.
هو تعقيب على قوله تعالى على لسان العبد المؤمن:«يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ» ..
إنهم لن يعلموا شيئا، ولو علموا ما آمنوا.. إنهم لا يؤمنون إلا إذا نزل عليهم ملائكة من السماء، بعد أن رفضوا الرسل، لأنهم بشر، وقالوا «ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ» .. والله سبحانه لم يرسل إلى قوم ملائكة حتى تتحقق أمنيتهم فيهم، وما كان الله مرسلا ملائكة إلى هؤلاء المشركين، الذين كانوا يقولون:«لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا؟»(٢١: الفرقان) ويقولون: «مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ؟ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً»(٧: الفرقان) .
وإذن فليمت هؤلاء المشركون على شركهم، كما مات فرعون وقومه من قبلهم على كفرهم..