«إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ» هذا ما يلقّاه المؤمنون فى هذا اليوم الذي يساق فيه المشركون إلى موقف الحساب والجزاء.. وهذا الخبر هو تشويق للمؤمنين إلى هذا الجزاء الكريم الذي وعدوا به من ربّهم.. ثم هو فى الوقت نفسه عزل للكافرين عن هذا المقام، ومضاعفة للحسرة فى قلوبهم.. وسمى أهل الجنة أصحابها، تمكينا لهم منها، وإطلاقا لأيديهم بالتصرف فى كل شىء فيها، شأنهم فى هذا شأن المالك فيما ملك.. فضلا من الله وإحسانا.
وشغل أصحاب الجنة فى الجنة، هو ما يلقّون من ألوان النعيم، حيث يشغل هذا النعيم كل لحظة من حياتهم، إذ يجيئهم ألوانا وصنوفا، فإذا هم فى أحوال متغايرة متشابهة معا.. متغايرة فى صورها وآثارها، متشابهة فى إسعاد النفوس ونعيمها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً»(٢٥: البقرة) وفاكهون: أي منعّمون بما يساق إليهم من ألوان النعيم، وأصله من الفاكهة، إذ كانت من طيبات المطاعم.. ومنه الفكاهة، وهى التخير من طرف الكلام وملحه.
وقوله تعالى:«هُمْ وَأَزْواجُهُمْ» .. إشارة إلى أن أهل الجنة يجدون نعيما خاصا، فى صور من الحياة التي كانوا يحيؤنها فى دنياهم، ومن هذه