أي اصطلوا بها، وذوقوا عذابها، بسبب كفركم وضلالكم..
وفى هذا الأمر الذي يلقى إليهم وهم يتقلبون على جمر جهنم مضاعفة للعذاب ومزيد منه، إن كان وراءه مزيد! قوله تعالى:
«الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» أي فى هذا اليوم يختم الله على أفواه أهل الضلال، فلا ينطقون.. وفى هذا زجر لهم، وكبت للكلمات التي كانت ستنطلق من أفواههم، ليعتذروا بها إلى الله، وليتبرءوا بها من أنفسهم، وما جنته أيديهم، أو يحاولوا بها إلقاء التهمة على غيرهم.. وفى كل هذا مجال للتنفس عنهم.. وكلّا، فإنه لا متنفس لهم، ولو بالكلمة!! ومما يضاعف فى إيلامهم وحسرتهم أن يقوم الشهود عليهم بإثبات جريمتهم- من أنفسهم، فتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم.. إنهم شهود أربعة، تتم بهم الشهادة على مرتكبى الكبائر..
ولا نسأل كيف تتكلم هذه الجوارح.. إنها تنطق للخالق الذي خلقها..
وفى هذا يقول الله تعالى: «وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (١٩- ٢١:
فصلت) .
فليست الأيدى والأرجل وحدها هى التي تنطق وتشهد على أصحابها، بل إن كل جارحة فيهم تشهد عليهم بما كان منها، حتى ألسنتهم تلك التي