وتعالى فيهم:«فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»(٧٩: البقرة) ويقول سبحانه فيهم أيضا: «قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ، تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً»(٩١: الأنعام) فاليهود- كما وصفهم القرآن- قد بدلوا كثيرا وحرفوا كثيرا فى التوراة، ولم يحترموا كلمة الله، ولم يقفوا عند منطوقها أو مفهومها.. وقد كادوا للإسلام بهذا كثيرا، ورفعوا من التوراة كل ما كان فيها من دلائل وإشارات على بعثة النبي العربي، كما رفعوا منها كثيرا من الأحكام التي جاء الإسلام يدينهم بها كما جاءت فى شريعتهم.. ولم يقفوا عند هذا فى الكيد للإسلام.. بل راحوا يدسون على المسلمين أحاديث ينسبونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقيمون لها سندا ينتظم فى سلسلته عددا من الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين، وخاصة من كثرت روايات الحديث عنهم كأبى هريرة وابن عباس- رضى الله عنهما- وغيرهما.
وأكثر من هذا، فإن بعضا من اليهود دخل الإسلام، لا عن عقيدة، ولكن ليكيد له.. وقد كشف بعضهم عن ظاهر، انخدع به المسلمون، بما رأوا فيهم من مظاهر الاستقامة، والزهد، والغيرة على الدين، حتى اطمأنوا إليهم، وقبلوا كل ما يأتى من جهتهم..
وحسبنا أن نذكر هنا بولس «الرسول» الذي كان من أشد اليهود عداوة للمسيح- عليه السلام- وملاحقة له بالأذى، هو وأتباعه.. ثم رأى أن يكيد للمسيحية كيدا أبلغ من هذا، فدخل فى دين المسيحية، ثم ما لبث أن أخذ مكان القيادة فيها، وأصبح الداعية الأول بعد المسيح.. وبهذا أمكنه أن يحدث ما أحدث فى المسيحية من تثليث، لم يكن أحد من أتباع المسيح وحوارييه