يكون إسحق الابن الوحيد لإبراهيم؟ وهل إسماعيل ليس ابنا لإبراهيم حتى يكون إسحق هو الابن الوحيد له؟ ولو قالت التوراة هذا لما كان هناك تضارب فى أقوالها.. ولكن التوراة تقول عن إسماعيل إنه ابن إبراهيم..
تقول التوراة: «فولدت هاجر لأبرام (إبراهيم) ابنا، ودعا أبرام اسم ابنه الذي ولدته هاجر إسماعيل» (الإصحاح السادس عشر من سفر التكوين) .
وإذا كنا نعذر اليهود فى هذا التقوّل على الله، إذ كان ذلك طبيعة فيهم وشأنا غالبا عليهم، وإذ كانوا إنما يبغون بهذا مصلحة خاصة لهم، وكيدا للإسلام، وتلبيسا على المسلمين.. وإذا كنا نعذر العلماء والدارسين من غير المسلمين، أن يأخذوا بما فى التوراة، مما يخالف القرآن الكريم، وأن يرجحوا نصوصها على نصوص القرآن- فإننا لا نجد وجها للعذر فيما كان من بعض المسلمين- وفيهم العلماء الأعلام- من التوقف فى نصوص القرآن، إزاء هذا النصّ الذي جاءت به التوراة، أو الأخذ به، وإقامة تأويل الآيات القرآنية عليه.. إن ذلك- كما قلنا- يكاد يكون تبديلا لآيات الله، وتحريفا للكلم عن مواضعه..
ومن عجب أن نجد عالما فقيها مفسّرا كالإمام ابن جرير الطبري، يرجّح القول بأن إسحق هو الذبيح.. ومن عجب أيضا أن نجد عالما جليلا، كابن عياض، يذهب إلى هذا المذهب ويقول به، فى كتابه:«الشفا فى التعريف بحقوق المصطفى» .. ومن عجب- ولا عجب- أن نرى رجلا كالجاحظ يجعل هذه المقولة من المسلّمات عنده، فيتحدث فى كتابه البيان والتبيين، عن إسحق، ويضيف إليه تلك الصفة، وهى أنه الذبيح..
وأكثر من هذا، فإن هناك أحاديث كثيرة تنسب إلى أصحاب رسول الله كابن عباس، وابن مسعود وأبى هريرة وغيرهم، وفيها أن إسحق هو الذبيح..