للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم ليسوا على درجة واحدة، بل هم- فى منازل الكرامة والإحسان- درجات عند الله، كما أن الناس درجات، فلا يستوى المؤمنون والكافرون، ولا يستوى مؤمن ومؤمن، ولا كافر وكافر.. فلكلّ مكانه، ولكل درجته، وليس لأحد منهم أن ينتقل من حال إلى حال، أو يتحول من مكان إلى مكان.. بل هو أبدا، حيث أقامه الله سبحانه..

وفى قولهم: «وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ» - إشارة إلى أن الملائكة- وهم فى هذه المنزلة العالية عند ربهم- هم «الصافون» أي القائمون صفوفا يعبدون الله، وهم «المسبحون» بحمده.. كما يقول سبحانه فيهم: «يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ» (٢٠: الأنبياء) .. فكيف يعبد من يعبد؟ أفليس معبوده أولى بالعبادة منه؟ ..

قوله تعالى:

«وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ، لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ» ..

هو حكاية لمقولة من مقولات المشركين، كانوا يرددونها قبل مبعث لنبى إليهم.. إنهم كانوا يتمنون أن يكون عندهم ذكر من الأولين.. أي كتاب من عند الله، تلقاه آباؤهم من قبلهم، ويتلقونه هم عن آبائهم، كما كان ذلك شأن أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، الذين يعيشون بينهم..

إنه لو كان لهم ذلك لكانوا- كما يدّعون- من عباد الله القائمين على طريق الحق، الذين لا يدخل عليهم شىء من الباطل والضلال..

و «إن» هنا هى المخففة من الثقيلة «إنّ» .. واسمها ضمير محذوف، أي إنهم.. وخبرها جملة «كانُوا لَيَقُولُونَ» ..

<<  <  ج: ص:  >  >>