للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم بقولهم: «أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً» هو تعجب من دعوة الرسول لهم إلى توحيد الله، ونبذ ما يعبدون من دونه من آلهة.. إنها دعوة غير معقولة وغير مقبولة عندهم..

إذ كيف تكون الآلهة إلها واحدا؟ وكيف ينزل كل إله منها عن سلطانه إن شيخ القبيلة، أو زعيم الجماعة، لا يقبل أن ينزل عن مكانه من الرياسة لزعيم آخر، ولو كان هذا معقولا ومقبولا، لكانت قريش مثلا تحت زعيم واحد.

فإذا كان هذا غير ممكن فى مجتمع القبائل، فكيف يمكن هذا فى مجتمع الآلهة؟

«إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ» .. أي مثير للعجب، الذي ليس وراءه عجب! قوله تعالى:

«وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ» أي أنه لم يطل العجب منهم، بل أعطوا ظهورهم لما سمعوا من كلام الله، وتنادوا: أن اصبروا على آلهتكم، وتمسكوا بها.. أما هذا الذي سمعتموه من محمد، فإنما هو كيد من كيده، يريد به حاجة فى نفسه!! قوله تعالى:

«ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ.. إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ» .

أي إن هذا القول لم نسمع به فى الديانة الآخرة. وهى المسيحية، التي هى آخر الديانات السماوية.. فهاهم أولاء يرون أتباع المسيحية- وهم أهل الكتاب- يجعلون لله ابنا، هو المسيح، ويجعلونه إلها، كما يجعلون أمه إلها.. فكيف إذن يكون الإله إلها واحدا؟ وأين تذهب ألوهية المسيح، وأمّ المسيح؟ «إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ» أي كذب وافتراء على الله.. إذ لو كان الله يأبى أن يكون معه آلهة لما قبل أن يكون المسيح، وأم المسيح إلهين معه!! قوله تعالى:

«أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا؟ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي.. بَلْ لَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>