ذلك عن لقاء الإسلام والمسلمين فى أي ميدان آخر.. حيث لا يكون إسلام ولا مسلمون، متى قام الدليل على بطلان دعوة «محمد» وبطلان ما نزل عليه من عند الله.
ذلك هو تقدير بعض أهل الكتاب، وهو فى ذاته تقدير سليم لو أنه صادف النبىّ والكتاب الذي نزل عليه، كما توهموا وقدروا.. ولكن، فى كل مرة ساق فيها أهل الكتاب كيدا إلى النبي وإلى القرآن، رجمتهم صواعق الحق، فولوا مدبرين، يجرّون ثوب الخزي والخسران.
وفى قوله تعالى:«وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ» ما يكشف عن بعض هذه النوايا الخبيثة، التي تنطوى عليها بعض النفوس الضالة من أهل الكتاب.. إنهم يريدون أن يفسدوا على المسلمين دينهم، وأن يقيموهم منه على الشك، بما يتأوّلون لهم من متشابه القرآن، وما يصدرون لهم من شبهات، يحيكونها من خيوط البهتان والضلال.. فبهذا إنما هم يضلّون أنفسهم، إذ اتخذوا الضلال مركبا، والزور طريقا، والجدل سلاحا، فى تلك المعركة التي اشتبكوا فيها مع الإسلام والمسلمين.. إنهم قد خسروا أنفسهم من أول الطريق، إذ كانوا على ضلال وفى ضلال.. فإن كسبوا المعركة واستطاعوا أن يضلوا غيرهم، فحسبهم من الغنيمة أنهم خسروا معها أنفسهم مرتين.. مرة قبل المعركة ومرة بعدها! وقوله تعالى:«وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ» قد قصر الضلال عليهم وحدهم فى سعيهم الذي سعوه لإضلال المؤمنين.. وهذا يدعونا إلى أن نسأل:
كيف يقصر الضلال عليهم وحدهم، مع أنه من الممكن أن يكونوا قد أضلّوا غيرهم، بما فعلوا حين احتكاكهم بضعاف الإيمان، ممن أسلموا ولمّا يدخل الإيمان فى قلوبهم، من الأعراب وغيرهم.. فكيف هذا؟