سبحانه:«وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ»(٨٥: الأنبياء) ويقول سبحانه عن أيوب: «إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ» ويقول سبحانه على لسان إسماعيل لأبيه: «سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» فما تأويل هذا؟.
والجواب- والله أعلم- هو من وجوه:
فأولا: ليس المراد بالأمر الموجه من الله سبحانه، للنبى- صلوات الله وسلامه عليه- بذكر داود عليه السلام، فى مقام إلفات النبي إلى الصبر، وإلى إقامة أمره عليه- ليس المراد به التأسى بهذا النبي الكريم، وإنما المراد به الحذر من أن تطرقه حال من أحوال الضعف البشرى، فيقع منه ما وقع من داود، فيما كان موضع ندم منه، واستغفار لربه، وتوبة إليه..
إن داود- عليه السلام- كان مع ما وصفه الله سبحانه به من قوة وأيد- غير قادر على مواجهة الفتنة التي ابتلى بها مواجهة كاملة، فكان منه هذا الذي وقع منه، والذي استغفر له ربه، فغفر له.. فالنبى عليه الصلاة والسلام، مطالب بأن يكون على عزم وقوة، أشد وأقوى مما كان عليه داود، من عزم وقوة، لأنه فى وجه فتنة أعظم وأشد من فتنة داود..
فالأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم- هم بشر قبل أن يكونوا أنبياء ورسلا.. والنبوة والرسالة، لم تنزع عنهم ثوب البشرية، وإن ألبستهم النبوة والرسالة حلل الصفاء، والنقاء، والطهر، ولكنها مع هذا، لم تسلبهم نوازع البشرية، وضروراتها.. وإلا لكانوا خلقا آخر غير خلق الناس، ولكانوا أبعد من أن يعيشوا فى دنيا الناس، وأن يألفهم الناس ويألفوا الناس..
والأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم- على هذا الحساب، ليسوا على درجة واحدة. وإن كانوا جميعا على قمة البشرية كلها، فهم درجات ومنازل