هذا هو الوجه المقابل لأصحاب الجنة، الذين ينعمون بهذا النعيم الخالد، ويهنئون بما أفاء الله سبحانه عليهم من رحمته ورضوانه.
فقوله تعالى:«هذا» إشارة إلى المؤمنين وأحوالهم فى الجنة، أي هذا شأن.. وشأن آخر، هو شأن الطاغين، من رءوس أهل الكفر والشرك والضلال.. فهؤلاء لهم شرّ مآب، وسوء منقلب، هو هذا العذاب الذي يلقونه فى جهنم، التي هى المهاد الذي يجدون فيه متكأهم وراحتهم.. إن لهم فى دارهم هذه مهادا ومتكأ، كما للمتقين فى دارهم مهادا ومتكأ! وشتان بين مهاد ومهاد! «هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ» .
هو فى مقابل لقوله تعالى فى المؤمنين:«يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ» ، فأهل الجنة يطلبون ما يشتهون، فيجدونه حاضرا..
أما أهل النار، فإنهم لا يطلبون شيئا.. وماذا يطلبون من النار، إلا النار؟ ..
ومع هذا، فإنهم لا بد أن يطعموا من ثمر جهنم، ويسقوا من شرابها، كما طعم أهل الجنة من فاكهة الجنة، وشربوا من شرابها..
وإنه إذ لم يطلب أصحاب النار طعاما ولا شرابا. فهذا طعام وشراب حاضر بين أيديهم.. هذا حميم وغساق. فليدوقوه!.
والحميم: اللهب، ومنه الحمم وهو قطع الجمر.
والغساق: القيح والصديد.
وإذا كان لأهل الجنة حور عين:«قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ» فإن لأهل النار كذلك أزواجا من شكل هذا الحميم والغساق «وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ»