وإنها نزل مهيأة، بكل أسباب الهناءة والرضوان، يستقبل فيها على طريق الحياة، أولئك الذين أضناهم السفر الطويل، وأكلت وجوههم لوافح الهجير..
فيجدون حيث ينزلون ظلا ظليلا، وطعاما هنيئا، وشرابا باردا.
فقل لمن يرى هذا المنزل الكريم ويعدل عنه: ألا ما أعظم غباءك، وما أشأم حظك، وما أولاك بالذئاب تفترسك، وبالحيات تنهشك، فلا يرحمك راحم، ولا يبكيك باك.. من قريب أو صديق! قوله تعالى:
إنه دعوة إلى رحاب الله، بعد أن فتحت الأبواب، ومدت موائد رحمته..
فلم يتبق إلا أن يمد المدعوون أيديهم إلى هذه الموائد، وأن ينالوا منها ما يشتهون..
ومن عظيم لطف لله بعباده، وسابغ برّه بهم، وسعة رحمته لهم، أن لقيهم، وهم على طريق الضلال، وبين مراعى الإثم والمعصية، وأراهم منه- سبحانه- ما بين يديه من رحمة ومغفرة، وأنهم مع ما هم فيه من محاربة له، وعصيان لأمره، واعتداء على حرماته- لا يزالون من عباده، الذين لا تغلق دونهم أبوابه، ولا تحجب عنهم رحمته- ذلك كله قبل أن يطلب- سبحانه وتعالى- إليهم أن يرجعوا إليه، وأن يلقوا الأسلحة التي يحاربونها بها.. إنهم