والجواب على هذا- والله أعلم- أن القيامة وأهوالها، وما فيها من حساب وجنة، ونار، هى مما يقع على أبناء آدم وحدهم، على تلك الصورة التي جاءت بها الكتب السماوية، وأنذر بها رسل الله أقوامهم، الذين أرسلوا إليهم..
وقد تكون هناك أحوال للعوالم الأخرى، ولكن ليس من شأننا أن نبحث عنها، أو نشغل بها، إذ كان لا يعنينا من أمرها شىء، سواء أوقعت أو لم تقع، وسواء أوقعت على تلك الصورة، أو غيرها..
وإذن، فإن كل ما تحدث به القرآن الكريم مما يتصل بالموت، والبعث، والحساب، والجزاء، هو مما يتصل بعالمنا نحن، لا يتجاوزه إلى العوالم الأخرى..
وعلى هذا يكون قوله تعالى:«وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ» - هو مقصور على أبناء آدم، وما يتصل بهم فى عالمهم الأرضىّ..
وقد تحدث القرآن الكريم عن أن لأبناء آدم صلة بالسماء، وأن النفس الإنسانية هى من العالم العلوي، وأنها حين تفارق الجسد لا تموت بموته، بل تلحق بعالمها العلوي، وتأخذ مكانها فيه..
فالموتى من بنى آدم، إذ تكون أجسامهم فى عالم التراب، تكون نفوسهم فى السماء، أو العالم العلوي.. وإنه حين ينفخ فى الصور نفخة الموت العام لأبناء آدم، يفزع ويصعق من فى السموات ومن فى الأرض.. أما من فى السموات، فهم الناس فى أرواحهم ونفوسهم تلك التي سبقت إلى العالم العلوي، وأما من فى الأرض، فهم الذين كانوا لا يزالون فى عالم الأحياء لم يموتوا بعد، فتدركهم النفخة، فيصعقون ويموتون.. وأما الصعقة التي تقع على الأرواح والنفوس، فهى صعقة فزع، وخوف من لقاء هذا الوعد، يوم الحساب والجزاء الذي كانت هذه الصعقة إرهاصا بقرب موعده..