وقوله تعالى:«وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ» - احتراس من أن يقع فى الوهم أن هذه المحاكمة التي أحضر فيها الكتاب، واستدعى لها الشهود، قد جاءت على هذه الصورة لتكشف عن أعمال الناس، وكلّا، فإن الله سبحانه وتعالى عالم بكل ما يعملون، لا تخفى على الله منهم خافية.. ولكن ذلك ليرى الناس بأعينهم ما كان منهم، وليحاكموا أنفسهم، وليشهدوا عدل الله المطلق فيما أجرى عليهم من أحكام! قوله تعالى:
وإذا قضى بين الناس بالحق، وعرف كل إنسان ما قضى به الله سبحانه وتعالى فيه، وامتاز أصحاب النار من أصحاب الجنة- عندئذ يساق الكافرون إلى جهنم زمرا، أي جماعات.. كل جماعة تنزل منزلها المعدّ لهم فى جهنم..
وكلما وصل فوج إلى جهنم فتحت أبوابها، فيلقاهم خزنتها سائلين فى لوم وتوبيخ:«أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا؟» فلا يجد الكافرون إلا أن يقولوا فى حسرة، وندم، وذلة:
«بَلى.. وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ» أي بلى قد جاءت رسل ربّنا، وتلوا علينا آياته، ولكن حقّ علينا قضاء الله فينا أن نكون من أصحاب النار.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى على لسانهم:«فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ»(٣١: الصافات) .
وفى قوله تعالى:«حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها» .. إشارة إلى