بهذا الإيمان الذي يملأ قلب المؤمن، يجد الرجل منطقا يتسع له مجال القول، وتتداعى إليه الأدلة والبراهين، وتنحلّ به عقد الخوف واللجلجة فى هذا المقام الرهيب!.
«يا قوم» بهذه الكلمة يمسك الرجل المؤمن جماعة المجلس حيث هم..
إنه يريد أن يقول شيئا، وإن قال فرعون كلمته، وأصدر حكمه! وما اعتاد القوم أن يسمعوا بعد حكم فرعون تعليقا ولا تعقيبا.. فماذا فى الأمر؟
ألا فليسمعوا.
«إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ» .. إن هذا الحكم الذي أصدره فرعون، وقال لهم فيهم:«وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ» هو حكم إن أخذوا به، لم يسلموا من عواقبه.. إن وراءه شرّا مستطيرا.. إنهم يدبرون ليقتلوا رسولا من رسل الله، وإن عندهم لخبرا عما حلّ بالأقوام الذين آذوا رسل الله من قبلهم.. فإن هم مضوا على ما هم فيه من إلحاق الأذى بموسى، فلن يسلموا من أن يحلّ بهم يوم كيوم هؤلاء الأحزاب: قوم نوح وعاد وثمود والدين من بعدهم. وإنه ليوم عسير، لقى فيهم المكذبون برسل الله الدمار والهلاك. ويلاحظ هنا أنّه سمّى يوم الأحزاب يوما، مع أنه أيام، إذ كان لكل قوم يومهم الذي لاقوا فيه هلاكهم، وذلك لأن جريمة القوم واحدة، والحكم الذي أخذوا به حكم واحد.. فكأنهم أدينوا فى يوم واحد، وإن تراحى الزمن بينهم، فى إيقاع الحكم الواقع على كل من هؤلاء الأقوام والدأب: الشأن، والحال..
هذا، ما أخذ به المكذبون برسل الله من عقاب فى الدنيا.. إنه الهلاك