والجواب أن غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب، هو وعد من الله سبحانه وتعالى، كما جاء فى قوله سبحانه:«إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ» . وهذا الوعد وإن يكن واقعا محققا من غير شك، فإن الأمر بالاستغفار للذنب، أمر مطلوب من النبي، وهو واقع محقق كذلك..
وإذن فغفران الذنوب للنبى- ما تقدم منها وما تأخر- مرتبط باستغفاره لذنوبه، واستغفاره لذنوبه واقع محقق منه، فيكون غفران ذنوبه واقعا محققا كذلك..! وإذن لا تعارض بين الوعد المحقق بغفران ذنوب النبي- ما تقدم منها وما تأخر- وبين أمره باستغفاره لذنوبه..
هذا، والإشارة إلى أن للنبى ذنوبا، مطلوبا منه الاستغفار لها- يشعر بأن الإنسان مهما بلغ من الكمال، فلن يتخلص من الجلد البشرى الذي يلبسه.. فهو إنسان قبل كل شىء، وكماله البشرى هو محصور فى هذا الحد لا يتجاوزه، فلا يكون من عالم الملائكة بحال أبدا، والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول:
«كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» .. لم يستثن الرسول الكريم فى هذا أحدا من أبناء آدم.. والأنبياء من أولاد آدم بلا شك، وإن كانوا الصفوة المتخيرة من بين هؤلاء الأبناء، وإن كان رسول الله- صلوات الله وسلامه عليه- صفوة هؤلاء الصفوة!! ولنذكر هنا فى هذا المقام، أن ما يحسب من ذنوب للمصطفين من عباد الله، هو مما يعد من حسنات غيرهم، كما يقال:«حسنات الأبرار سيئات المقربين» .
ثالثا: دعوته- صلى الله عليه وسلم- أن يسبح بحمد ربه بالعشيّ والإبكار، أي أول الليل، وبواكير النهار.. أي قبل أن تطلع الشمس.
وليس ذكر هذين الوقتين حصرا لتسبيح الرسول ربّه فيهما، فهو صلوات