للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إن» هنا نافية، بمعنى «ما» والكبر الذي فى صدور المشركين: هو هذا الغرور الذي زينه الشيطان لهم، وأنهم على الحق، وأن الغلبة آخر الأمر لهم وفى هذا يقول سبحانه: «وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ» (٤٨: الأنفال) .. فهذا الكبر الذي يملأ صدورهم، ما هو إلا دخان من الباطل، وإنهم لن يبلغوا به ما يطمعهم فيه من آمال..

فالضمير فى «بالغيه» يعود إلى الكبر، بمعنى أنهم لن يبلغوا ما ينطوى عليه هذا الكبر من أمانىّ وآمال..!

وقوله تعالى: «فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ.. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» - دعوة إلى النبي الكريم من ربه سبحانه وتعالى، أن يلقى كبر هؤلاء المتكبرين، وتطاول هؤلاء المتطاولين المدلّين بجمعهم، المغرورين بقوتهم- أن يلقى ذلك منهم باللّجأ إلى الله، واللّياذ بقوته، فهو سبحانه «السميع» الذي يسمع للنبى ما يدعو به ويستجيب له، وهو «البصير» الذي يرى أين تنزل مواقع رحمته وإحسانه، وأين تقع صواعق نقمه وبلائه..

قوله تعالى:

«لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ.. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى، أن الآية السابقة، أشارت إلى ما يملأ صدور المشركين من كبر وغرور واستعلاء، وأنهم يحسبون بما ملكوا من كثرة فى المال والرجال- أنهم لن يغلبوا.. فجاء قوله تعالى: «لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ» - ليريهم أنهم، وإن كانوا- كما يرون فى

<<  <  ج: ص:  >  >>