وسمّى الكافرون والمشركون أعداء الله، لأنهم حرب على الله بحربهم أولياءه، ورسله، والحقّ الذي جاءوهم به..
وفى وصفهم بالأعداء تهديد لهم ووعيد من الله سبحانه الذي يقف منه هؤلاء موقف الأعداء المحاربين.. فليأذنوا بحرب من الله ورسوله، وسيرون ما يطلع عليهم من هذه الحرب، من خزى وهوان، وما ينتهى إليه أمرهم من هلاك ودمار، ثم من عذاب أليم فى جهنم خالدين فيها..
عرض لما يلقى أعداء الله من عذاب الله يوم البعث، يوم يحشرون إلى النار حشرا، ويساقون إليها سوق الأنعام «فَهُمْ يُوزَعُونَ» أي يزجرون، فلا يشرد منهم شارد إلا زجر زجرا عنيفا، ليأخذ مكانه بين هذا القطيع المتدافع، الذي يركب بعضه بعضا..
«حتى» غاية إلى ما يحشر إليه أعداء الله، وهى النار.. أي أنهم يساقون هذا السوق العنيف إلى النار، حتى إذا ما جاءوها، وبلغوا مشارفها، نصبت لهم موازين الحساب، وعرضت عليهم أعمالهم فى كتاب يلقاه كل واحد منهم منشورا.. ثم قام من كيان كل منهم شهود يشهدون عليه بما كان منه من منكر وضلال.. وكلّ شىء فيهم ينطق شاهدا عليهم إلا ألسنتهم التي لم تنطق فى دنياهم غير الكفر والشرك.. فهذه الألسنة تخرس عن أن تقول شيئا، كما يقول تعالى «الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ»(٦٥. يس) .