وفى قوله تعالى:«وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» .. إشارة إلى هذا الخلق الآخر، وهو البعث بعد الموت..
قوله تعالى:
«وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ» .. يجوز أن يكون هذا من قول الله سبحانه وتعالى، كما يجوز أن يكون من قول الجلود لأصحابها، على نحو ما أشرنا إليه فى قوله تعالى:«وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» .
هو فى تأويل مصدر مجرور بلام التعليل، أي لشهادة سمعكم وأبصاركم وجلودكم وهو تعليل لنفى استتارهم، أي ما كنتم تستترون عن الله بأفعالكم المنكرة حتى استدعى هؤلاء الشهود منكم ليشهدوا عليكم، «وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ» فأراكم الله سبحانه وتعالى من هؤلاء الشهود بعض مظاهر علمه وقدرته وأن له سبحانه وتعالى جنودا فى كلّ ذرّة فيكم، هى ألسنة تنطق بكل ما تعملون من صغيرة وكبيرة..
وفى قوله تعالى:«وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ» ..
هو إشارة إلى سوء ظنهم بالله، وأنهم كانوا يظنون أن الله سبحانه لو كان يعلم ما يعملون فى جهر، فإنه لا يعلم ما يسرّون من أقوال، وأعمال.. ولهذا استتروا وهم يأتون المنكرات من أعمالهم وأقوالهم، ظنّا منهم بأن الله سبحانه