للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذاك سواء بسواء: فالله سبحانه الذي «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ» بقدرته..

«إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» .

قوله تعالى:

«إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ.. إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» هو تهديد لأولئك الذين أشار إليهم سبحانه فى قوله تعالى: «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ» .. وقد هدّدوا من قبل بعذاب الله، فى قوله سبحانه: «فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ» .. ثم ها هم أولاء يتهددهم عذاب الله مرة أخرى بعد أن تليت عليهم آيات الله، وفيها معارض كثيرة لقدرة الله سبحانه، وما تملك هذه القدرة من اقتدار على البعث الذي ينكرونه، ولا يعملون له حسابا..

«إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا» أي الذين يستخفون بها، ويسخرون منها ويتعابثون عند الاستماع إليها- هؤلاء: «لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا» بل إن علم الله سبحانه محيط بكل ما يسرون وما يعلنون، لا تخفى على الله منهم خافية.. ثم إنهم لمحاسبون، ومجزيون بأسوأ ما كانوا يعملون..

«أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ» - أي أفهذا العذاب وهذا البلاء، الذي يلقاه هؤلاء المجرمون- خير، أم جنات الخلد التي وعد المتقون؟ لا يستويان أبدا؟

وفى النظم الذي جاء عليه القرآن هنا من الاختلاف بين المتعادلين، ما يجعل هذا النظم على إيجازه يتسع للكثير من المعاني، حيث يرى فى المعادل

<<  <  ج: ص:  >  >>