من دون الله، حيث يتلفتون فلا يجدون لهم أثرا فى هذا اليوم الذي يرجونهم له.. وأيقنوا أن لا محيص لهم، ولا نجاة من العذاب الواقع بهم، وقد تخلى عنهم أولياؤهم الذين كانوا يعبدونهم من دون الله..
تشرح هذه الآية والآيات التي بعدها، النفس الإنسانية، وتكشف عن داء الطمع والشّره، وحب الاستكثار من المال والمتاع، المتمكن منها، دون أن يقف بها الأمر عند حدّ القناعة، أو الشبع.. بل إنها كلّما كثر لديها ما تشتهى من مال ومتاع، ازدادت جوعا وطلبا..
كالحوت لا يكفيه شىء يلقمه ... يصبح ظمآن وفى البحر فمه
- «لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ» أي لا يمل من طلب الخير لنفسه، من مال ومتاع، وولد، وجاه وسلطان.. إلى غير ذلك مما يطلبه الناس، ويتنافسون فيه..
وسميت هذه المطالب خيرا، لأنها فى أصلها من نعم الله، وهى فى ذاتها خير، ولكنها حين تصبح غاية لا وسيلة، تكون فتنة وبلاء.
والمراد بدعاء الخير، هو طلبه واستدعاؤه، والسّعى الجادّ لتحصيله، لأنّ هذه الأشياء إنما يطلبها الإنسان، لأنها غائبة عنه، فهو يستدعيها إليه، ويهتف بها من أعماقه أن تجيبه، وتدنو منه.