يدعوهم فيه إلى الإيمان بالله، واليوم الآخر، وينذرهم عذاب يوم عظيم، هو يوم القيامة..
وهذا الرسول، إما أن يكون صادقا، أو كاذبا.
فإن هم أقاموا أمرهم معه على أنه صادق، وآمنوا بالله وباليوم الآخر، وأعدّوا العدة للقاء هذا اليوم، فإن كان صادقا حقّا فقد نجوا، وخلصوا بأنفسهم من عذاب هذا اليوم.. وإن كان كاذبا، فما خسروا شيئا.. وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى فى قوله جل شأنه، على لسان مؤمن آل فرعون:«أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ»(٢٨: غافر) .
وفى هذا المعنى يقول أبو العلاء المعرى.
قال المنجّم والطبيب كلاهما ... لا تبعث الأجساد قلت إليكما
إن صحّ قولكما فلست بخاسر ... أو صحّ قولى فالخسار عليكما
الاسم الموصول «مِنْ» مفعول به لقوله تعالى: «أَرَأَيْتُمْ» أي أعلمتم من أضل منكم، إن كان هذا الرسول من عند الله، ثم كفرتم به؟ ويكون قوله تعالى:«إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ» جملة اعتراضية شرطية، وجواب الشرط محذوف، دلّ عليه السياق.
وقد جىء بهم مع ضمير الغائب بدلا من ضمير المخاطب فى قوله تعالى:«مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ» ليروا بأعينهم العبرة فى هذا الذي يعرض عليهم من أهل الشقاق، وهو صورة منتزعة منهم.. وفى هذا ما يدعوهم إلى أن ينظروا فى وجه هذا الغريب. وأن يطيلوا النظر إليه، والحال أنهم إنما ينظرون إلى أنفسهم فى شخصه.