أولا: أن القرآن الكريم لم يعبّر فى هذا المقام عن الزكاة بلفظ الزكاة، بل جاء بها فى هذا النظم الكريم:«وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» فجعلها إنفاقا من رزق، وهذا الرزق من الله سبحانه وتعالى.. وكذلك «الشورى» هى إنفاق من رزق، هو مما وهب الله من عقل، ومما رزق أهل العقل من علم ومعرفة.. وهذا يعنى أن إبداء الرأى من ذوى الرأى، أمر واجب عليهم، وهو الزكاة المطلوبة منهم فى هذا المقام، لما آتاهم الله من فضله، من علم، وحكمة، وحسن تدبير..
فمن رأى فى أمر من أمور المسلمين خللا، وكان عنده من الرأى والتدبير حا يصلح به هذا الخلل ثم أمسك رأيه، وحبس نصحه، كان آثما..
شأنه فى هذا شأن من كان ذا مال وسعة، ثم لم ينفق من ماله فى سبيل الله، وفى سدّ حاجات ذوى الحاجة من المؤمنين..
وثانيا: لم يقيد النص القرآنى هنا الإنفاق بالشيء الذي ينفق منه، من مال أو نحوه، بل جعله، إنفاقا مطلقا، يشمل كل ما يرزقه الله الإنسان من خير.. فسمّاه سبحانه رزقا، ليشمل المال وغير المال، من رأى، وعلم، وفنّ..
خلا يستبد المؤمن وحده، برزق رزقه الله إياه، وفيه فضل وسعة لغيره من المسلمين..
وثالثا: كذلك لم يقيد النص القرآنى ما ينفق من هذا الرزق بحدّ محدود، كالزكاة، بل جعله إنفاقا مطلقا.. لأنه فى مقام «الشورى» لا يكون الإنفاق بقدر محدود مما يملك الإنسان من علم، ومما عنده من معرفة، بل إنه مطلوب منه فى تلك الحال أن ينفق كل ما لديه، وأن يبذل كل ما عنده، غير ممسك بشىء من رأيه، أو محتجز شيئا من جهده، واجتهاده..