للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صورتها ويختلف تأويلها.. حسب الأشخاص، وحسب الأحوال الشخص الواحد..

هذه صورة تقربنا من فهم ما نقول به، من أن الاتفاق فى صورة الحروف المكرّرة، لا يعنى الاتفاق فى دلالتها.. بل إن لكل صورة منها دلالة خاصة.. مع العلم بأن الله سبحانه قد وصف هذه الكلمات بأنها وحي، وأنها مما كلم الله به رسله، وقد قلنا إن الكلام لا يكون كلاما إلا إذا كان ذا دلالة مفهومة بين المتكلم، والمتلقى لهذا الكلام.. فكيف بكلام الله سبحانه وتعالى، وما يبلغه من موقع الفهم عند من يكرمه الله، وبكلمة بكلماته..؟

وسؤال آخر.. وهو إذا كان لكل صورة من صور هذه الحروف المكررة تأويلا خاصا، ودلالة خاصة.. أفما كان من الأولى- وفى اللغة متسع لهذا- أن يكون لكلّ دلالة صورة من اللفظ خاصة بها؟

والجواب على هذا- والله أعلم- أن هذا الاشتراك فى اللفظ والاختلاف فى المعنى، هو من مظاهر اللغة العربية التي نزل القرآن بلسانها، بمعنى أن الكلمة الواحدة قد تحمل دلالتين أو أكثر، مثل كلمة العين، التي تدل على عين الماء، والعين المبصرة.

وهذا الاشتراك ليس عن قصور فى مادة اللغة، وإنما هو من بلاغة هذه اللغة وذكاء أهلها.. حيث يفرّقون فى اللفظ المشترك بين المعنى الذي تقتضيه داعية الحال، وبين المعنى الذي لا مقتضى له فى تلك الحال، كما أنهم إذ يأخذون بالمعنى المراد للفظ المشترك فى الحال الداعية له، لا يقطعونه عن المعنى أو المعاني الأخرى التي يحملها فى كيانه..

فإذا جاء القرآن الكريم مستعملا اللفظ المشترك فى تلك الحروف المقطعة- كان جاريا فى هذا على أسلوب اللغة التي نزل بها، وأنه كما جاء باللفظ المشترك

<<  <  ج: ص:  >  >>