للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزلوا بقدر الله سبحانه عن أن يكون مساويا لهم، فجعلوا لله البنات، وجعلوا لهم هم البنين وقالوا إن الملائكة بنات الله، ولم يروا أن يكون هؤلاء الملائكة ذكورا.. وهذا منطق سقيم إذ كيف يكون الذكور والإناث من خلق الله، ثم يكون لهم هم أن يختاروا ما يشتهون منها، ويدعون لله ما لا يشتهون؟ «أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ؟ ما لَكُمْ؟ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» (١٥٣: ١٥٤ الصافات) .

«لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ.. سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤: الزمر) .

قوله تعالى:

«وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ» هو تسفيه للمشركين، ولقسمنهم تلك الجائرة. إنهم لا يرضون أن يكون البنات ممن يولد لهم فإذا ولد لأحدهم أنثى امتلأت نفسه غمّا وكمدا.. فكيف ينسب إلى الله من هو- حسب تقديرهم هدا- مصدر همّ وغم؟ أهذا أدب مع الله، عند من يعترف بوجود لله؟ إنهم لو أنكروا الله أصلا، ولم يعترفوا بوجوده، لكان لذلك منطق عندهم أما أنهم يعترفون بالله، ثم ينزلونه من أنفسهم هذه المنزلة التي لا يرضونها لأنفسهم، فذلك هو الضلال المبين، الذي لا يمكن أن يقام له منطق، حتى من الضلال نفسه! وفى قوله تعالى: «بُشِّرَ أَحَدُهُمْ» إشارة إلى أن «بِالْأُنْثى» نعمة من نعم الله، وأن ورودها على لإنسان من البشريات المسعدة، التي من شأنها أن تشرح الصدر، وتسر القلب. ولكن القوم لجهلهم وضلالهم، يضيقون بهذه النعمة، ويشقون بلقائها.

وقوله تعالى: «بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا» - إشارة إلى ما نسبه المشركون

<<  <  ج: ص:  >  >>