عشا عن الشيء يعشو، عشوا: فعل فعل الأعشى، وهو كليل البصر..
والعشو عن ذكر الرحمن، الإعراض عنه، مع قيام الحجج والبراهين بين يديه، كما يعشو بعض الناس فى ضوء النهار لآفة تعرض لأبصارهم..
فالذى يعرض عن ذكر الرحمن هنا، هو من قامت بين يديه الدلائل، والحجج على صدق الرسول، وصدق ما جاء به من عند الله.. فهذا المعرض عن ذكر الله، يقيّض الله له شيطانا، أي يسوق ويهيىء له شيطانا «فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ» أي ملازم له، مسلط عليه، يقوده إلى حيث يشاء.. فهو شيطان مع الشيطان حيث يكون..
وفى اختصاص صفة الرحمن بالذكر هنا من بين صفات الله سبحانه وتعالى- تذكير بهذه الرحمة المنزلة من الرحمن، وهى القرآن، وهى التي يعرض عنها أصحاب القلوب المريضة، فيتسلط عليهم الشيطان، ويملك أمرهم.. وإنها لمفارقة بعيدة أن يرى الإنسان يد الرحمن الرحيم تمتد إليه بالرحمة، ثم ينظر فيرى يد الشيطان الرجيم تمتد إليه بالبلاء والشقاء.. ثم يكون له- مع هذا- موقف للنظر والاختيار.. ثم يكون فى الناس من يمد يده إلى الشيطان مبايعا على أن يصحبه إلى حيث ما يرى رأى العين من شقاء وبلاء!.
قوله تعالى «وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» ..
الضمير فى «إِنَّهُمْ» للشياطين، أي وإن الشياطين ليصدون المشركين عن سبيل الله، ويدفعون بهم إلى طرق الغواية والضلال، ويزينونها لهم حتى ليحسبون أنهم مهتدون.