وفى نداء المتقين من بين هذا المعترك الصاحب من حولهم، وفى إضافتهم إلى الله سبحانه وتعالى:«يا عِبادِ» لطف من لطف الله بهم، حيث تسكن بهذا النداء الكريم نفوسهم المضطربة، وتطمئن قلوبهم الواجفة، لما يرون من تناهش أهل الضلال حولهم، وتراميهم بالعداوة والشنآن.. فإذا سمعوا هذا النداء الكريم بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون أمنوا من خوف، واطمأنوا من فزع.. إنهم ناجون وحدهم من بين الركب الذي تتخبط به السفينة فى متلاطم الأمواج، وتوشك أن تهوى إلى القاع!.
هو وصف لهؤلاء العباد، الذين ناداهم الحق جل وعلا بقوله:«يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ» .. فهم إنما استحقوا هذا التكريم من الله سبحانه وتعالى، بندائهم، وبإضافاتهم إلى ذاته جل وعلا..
لأنهم آمنوا بآيات الله.. وكانوا مسلمين..
وفى وصفهم بالإيمان، ثم وصفهم بأنهم كانوا مسلمين قبل أن يكونوا مؤمنين- فى هذا إشارة إلى أنهم قبل أن يؤمنوا على يد الرسل، ويصدّفوا بآيات الله التي فى أيديهم- كانوا مسلمين، أي على فطرتهم السليمة، التي لم تفسدها الأهواء الموروثة، لقل كانوا على السلامة والبراءة، حتى إذا التقوا برسل الله، ونظروا فيما معهم من آيات، استجابوا لدعوة الحق، وآمنوا بآيات الله.. أشبه بالأرض الطيبة، التي احتفظت بكل ما فيها خير، حين لم تجد الماء الذي يحيى مواتها، حتى إذا غائها الغيث، اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج كريم.. وليس كذلك الأرض الخبيثة، فإنها حين