الإشارة إلى الجنة هنا، هى دعوة لأهلها إلى أن يزفّوا إليها، وأن ينالوا منها ما يشاءون.. فقد أصبحت ملكا لهم، يتصرفون فيها تصرف المالك فيما ملك..
وقد عبّر القرآن عن الملك بالميراث، لأمرين:
أولا: أن الوارث لا يبخل على نفسه بالتمتع بكل ما ورث، حيث لا يشتد حرصه عليه، لأن ما ورثه قد جاء إليه من غير عناء.. وفى هذا دعوة إلى أهل الجنة أن ينالوا من هذا النعيم الموروث ما يشاءون، غير مضيقين على أنفسهم فى شىء..
وثانيا: أن هذه الجنة التي نزل المؤمنون رحابها، وورثوا نعيمها- هى فضل من فضل الله عليهم، وإحسان من إحسانه إليهم، وأن أعمالهم الصالحة التي عملوها فى الدنيا ليست هى الثمن الذي يكافىء هذا النعيم العظيم..
وأن هذه الأعمال لم تكن إلا سببا ووسيلة يتوسلون بها إلى مرضاة الله..
كما يتوسل الوارث إلى مورثه بسبب من قرابة ونسب، فتكون هذه القرابة سببا لميراث ما يرث، وإن لم يكن له فيما ورثه من عمل..
أما قوله تعالى:«بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» - فهو لتحقيق أمرين كذلك..
أولهما: الاحتفاء بالأعمال الصالحة، والإشارة بقدرها، وإلى أنها تثمر ثمرا طيبا.. وأن من يغرس فى مغارسها لا بد أن يجنى منها ثمرا طيبا مباركا..