للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى:

«وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ» .

أي أن هذا العذاب الذي هم فيه، لم يكن لظلم وقع عليهم، حيث يراهم الرائي فيستفظع هذا العذاب، الذي لا ينقطع أبدا، ويخيل إليه أنه ليس هناك من ذنب يستحق هذا العذاب الذي لا تحتمله السموات والأرض.. وكلا فإنهم لم يظلموا، وإنما هم الذين ظلموا أنفسهم، فأوردوها هذا المورد، وسعوا بها إلى هذا البلاء، فكفروا بالله، وحاربوا الخالق، وخرجوا بهذا على الولاء لله، والانقياد لرب العالمين، الذي انقاد له الوجود كله..

قوله تعالى:

«وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ» .

مالك، هو الملك الموكّل بالنار من عند الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يقوم على أهل النار، كما يقوم السبحان على المسجونين..

وفى قولهم: «يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ» ما يكشف البلاء النازل بهم، كما يكشف اليأس الذي وقع فى نفوسهم من أن ينالوا من الله خيرا.. فهم لا يرجون الله فى هذا اليوم، ولا يطمعون فى رحمته، حتى إنهم لينادون مالكا:

«يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ» ولم يقولوا «ليقض علينا ربنا» - إنهم على يأس من أن ينسبوا إلى الله، وأن يقبل الله منهم قولا.. وذلك من ضلالهم الذي صحبهم فى آخرتهم. فلم يقدروا الله قدره.. ولم يروا سعة رحمته..

وقوله تعالى: «قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ» - هو ردّ مالك على ما طلبوه منه أن يسأل ربه القضاء عليهم، وإهلاكهم، حتى ينقطع عنهم هذا العذاب..

وقول مالك: «إِنَّكُمْ ماكِثُونَ» .. أبلغ من قوله إنكم لن تموتوا أو لن

<<  <  ج: ص:  >  >>