للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق وأنكروه ليس للملائكة شفاعة فيهم.. وهم أكثر المشركين.. أما من شهد بالحق من هؤلاء المشركين- وهم أقلية- وآمنوا بالله، وأخلصوا دينهم لله له، فإن للملائكة شفاعة فيهم، تنال العاصين منهم.. وتلك الشفاعة، هى الاستغفار لهم كما يقول الله تعالى: «وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ» (٧: غافر) . فهذا من شفاعة الملائكة للعصاة من المؤمنين.. وهى شفاعة مقبوله عند الله سبحانه وتعالى..

وقوله تعالى: «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» يمكن أن يكون حالا من الاسم الموصول «الذين» أي أن الملائكة لا يملكون الشفاعة إلا لمن شهد بالحق.. وهم يعلمون هذا.. أي يعلمون أنهم لا يملكون الشفاعة إلا لمن شهد بالحق.

ويمكن أن يكون حالا من الاسم الموصول «مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ» أي لا تشفع للملائكة إلا لمن شهد بالحق، أي شهادة قائمة على علم، يملأ القلب إيمانا واطمئنانا، لا مجرد شهادة ينطق بها اللسان دون أن تقع من القلب موقعا..

قوله تعالى:

«وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» .

أي أن هؤلاء المشركين إذا سئلوا عمن خلقهم، لما وجدوا بين أيديهم إلا جوابا واحدا، وهو أن الله هو الذي خلقهم.. إنهم لا يستطيعون أن يقولوا إن الملائكة الذين يعبدونهم، هم الذين خلقوهم، وخلقوا من فى السموات والأرض..

بل إنهم ليعلمون أن الملائكة من خلق الله، وإن كانوا أبناء لله عندهم.

ومع هذا الإقرار منهم بخلق الله لهم، فإنهم لا يعبدون رب السموات والأرض، الذي خلقهم ويعبدون خلقا من خلقه.. وهذا منطق معكوس، لا يلتقى أوله مع آخره.. ولذا جاء قوله تعالى: «فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» منكرا على هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>