وتحرير المعنى، هو: إلى أين ينصرف هؤلاء المشركون، مع شركهم الذي هم فيه، ومع ما يرى الرسول من حالهم فى المستقبل، وأنهم ممن لا يرجى صلاحهم، أو يتوقّع شفاؤهم من هذا الداء الذي معهم؟.
- جاء رداّ على قول النبي:«يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ» وداعيا له إلى الرفق بهم، ومقابلة جهلهم بالحلم، وسفاهتهم بالمغفرة والصفح.. وأنهم كلما قالوا فحشا وهجرا قال لهم سلاما ومغفرة، كما يقول سبحانه فى وصف عباد الرحمن:«وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً»(٦٣: الفرقان) وكما يقول جل شأنه لنبيه الكريم: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ»(١٩٩:
الأعراف) .
وفى هذا ما يشير إلى أن هؤلاء المشركين ينتظر منهم خير كثير، وسيكون منهم بناة الإسلام، ومادة دولته التي ستظهر عما قريب.. وقد كان، فدخل كثير من هؤلاء المشركين فى دين الله، حتى أنه إذا جاء يوم الفتح لم يبق مشرك من قريش- خاصة- لم يدخل فى الإسلام.
وفى قوله تعالى:«فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» أي أنهم هم الآن على جهل يزيّن لهم هذا الباطل الذي هم فيه، ويغذيهم بهذا السفه الذي ترمى به أفواههم..
ولكنهم مع الزمن، ومع ما يأخذهم به الرسول الكريم من حلم، وصفح ومغفرة، سيعلمون بعد جهل، ويؤمنون بعد كفر.. ويصبحون جندا من جنود الله، ورايات من رايات الإسلام التي تخفق فى آفاق الأرض.. وليس هذا من الوعيد، كما يذهب إلى ذلك جمهور المفسرين.. فإن السورة قد ختمت بهذا الختام الذي يدعو النبي إلى الصفح والمغفرة والمسالمة.. ولا يتفق مع هذا