للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شىء كثير أفاضه الله على القوم من فضله، فما زادهم ذلك إلا طغيانا وكفرا.. وها هم أولاء قد خلّفوه وراءهم، يعيش فيه غيرهم، وينعم به سواهم.. فما أغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله من شىء..!

قوله تعالى:

«كَذلِكَ.. وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ» .

أي بمثل هذا الإحسان العظيم إليهم، كان عقابنا الشديد لهم، فنزعنا هذه النعم من أيديهم، وأورثناها قوما آخرين من بعدهم، وهم أبناؤهم الذين صارت إليهم هذه الأرض، وما خلّف المفرقون فيها من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم..

وسمّى الأبناء الوارثون لهؤلاء المغرّقين- سمّوا قوما آخرين، لأن آباءهم كانوا على حال من الضلال، بحيث لا يكاد يجمعهم بأبنائهم أي وجه من وجوه الشبه.. فمهما ورث أبناؤهم من بعدهم من الكفر والضلال، فإن المسافة بينهم وبين أبنائهم ستظل دائما بعيدة، لأن آباءهم قد بلغوا فى هذا الضلال غاية لا يبلغها أحد..

هذا ويذهب كثير من المفسرين إلى أن القوم الآخرين، هم بنو إسرائيل..

وهذا غير معقول، لأن بنى إسرائيل قد خرجوا من هذه الأرض، فرارا من العذاب، الذي سلّط عليهم فيها، وقد تحدث القرآن عن تيههم فى الصحراء أربعين سنة، ثم عن حياتهم فى أرض كنعان، بعد موت موسى..

ثم إن المراد بالميراث هنا ليس هو الوارث، ولهذا جاء مجهلا بقوله تعالى «قَوْماً آخَرِينَ» ..

<<  <  ج: ص:  >  >>