بعضهم بعضا، ويتحدث بعضهم إلى بعض، دون أن يصل إلى أصحاب الجنة شىء من عذاب أهل النار، ودون أن يصل شىء من نعيم الجنة وريحها إلى أهل النار.. «وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ.. قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ»(٥٠: الأعراف) .
وحيث يلبس أهل النار من النار أثوابا، يلبس أصحاب الجنة حللا من سندس وإستبرق.
والسندس.. الرقيق من الديباج وهو ما كان سداه ولحمته من الحرير..
والإستبرق: الغليظ من الحرير..
وإذ يتدابر أهل النار، فلا ينظر بعضهم إلى بعض، لما وقع بينهم من عداوة، ولما يشهدون من العذاب الذي يعذب به المعذبون- فإن أصحاب الجنة، يواجه بعضهم بعضا، ويأنس بعضهم بالنظر إلى بعض، وبما يصافح أنظارهم من آيات الرضا والبهجة، التي تملأ الصدور، وتفيض على الوجوه.. «عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ»(٢٣- ٢٤: المطففين) قوله تعالى:
«كَذلِكَ.. وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ» .
أي كذلك شأنهم الذي هم فيه.. وأكثر من هذا، فقد زوجهم الله سبحانه وتعالى، بحور عين من حور الجنة، وعرائسها..
والحور: جمع حوراء.. وهى التي فى عينها حور، وهو شدة سواد العين مع شدة بياضها، وهذا من مفاتن المرأة، يقول جرير:
إن العيون التي فى طرفها حور ... قتلننا ثم لا يحيين قتلانا