(١- ٣: البينة) كما يشير إليه الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- فى قوله:«ما من نبى من الأنبياء إلا أوتى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحى إلىّ، فأنا أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» .
وفى قوله تعالى:«فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» - إشارة إلى أن هذه الشريعة، لا يتجه إليها، ولا يرد مواردها إلا من كانت معهم عقولهم التي ينظرون بها إلى هذه الشريعة، ثم يؤديهم هذا النظر إلى العلم الذي يكشف لهم الطريق إليها.. أما من زهد فى عقله، وصحب هواه، فلن يتعرف إلى هذه الشريعة، ولن يرد مواردها.
الضمير فى «إِنَّهُمْ» يعود إلى المذكورين فى قوله تعالى فى الآية السابقة «وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» .. وهم المشركون الذين استولى عليهم الجهل، واستبدّ بهم العمى، فانقادوا لأهوائهم، ولم يلتفتوا إلى هذا الهدى الذي يدعون إليه..
فهؤلاء الضالون، ينبغى على النبي أن يدعهم وما اختاروا لأنفسهم، بعد أن أنذرهم، ومدّ إليهم حبل النجاة، فأعرضوا عنه، وأن يستقيم هو على طريقه، وألا يشغل نفسه بهم.. فإنه مسئول عن نفسه أولا، وأن هؤلاء الضالين لن يغنوا عن النبي شيئا، إذا هو شغل بهم، وقصّر- وحاشاه-