وإذ يدعى الذين آمنوا إلى جنات النعيم، وإذ يخلو الموقف إلا من من الضالين والمكذبين والكافرين- عندئذ يدعى الضالون والكافرون، يدعون إلى المساءلة والحساب، وقد عرفوا مقدما المصير الذي هم صائرون إليه، فيقال لهم على سبيل التقريع والتنديم:«أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ» وفى هذا مواجهة لهم بالاتهام، وحكم عليهم بالإدانة فيما اتهموا به..
هو مما يقال للكافرين وأهل الضلال فى موقف الحساب.. وهو معطوف على قوله تعالى:«فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ» أي وكنتم إذا قيل لكم: «إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها» أنكرتم هذا القول، ورددتموه على قائليه، وقلتم فى تجاهل غبىّ:«ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ؟» إنها لا تقع فى تصورنا إلا من قبيل الظن، الذي لا يبلغ بصاحبه مبلغ اليقين. فكيف ندع حياة نحن فيها، ونتعامل مع حياة أخرى، لا نراها إلا من وراء أوهام وظنون؟.
قوله تعالى:
«وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» .
أي أنه ظهر للكافرين ما كانوا يعملون من سيئات، وانكشف لهم وجهها القبيح الذي ينادى عليهم بالويل والثبور.. «وَحاقَ بِهِمْ» أي حل وأحاط بهم، هذا اليوم الذي كانوا يستهزئون به، وينكرون أن يكون واقعا أبدا..