كانت الآية السابقة مواجهة للمشركين، بما يلقى الكافرون من عذاب وبلاء فى الآخرة.. وهنا فى هذه القصة مواجهة لهم بما لقى الكافرون المكذبون بآيات الله ورسله من بلاء ونكال فى الدنيا.. فإذا لم يصدّق المشركون بالآخرة وبما ينتظرهم عندها من عذاب جهنّم، فإنه لا مفر لهم من أن يصدقوا بهذا الواقع الذي يرونه بين أيديهم من مصارع الضالين، وما رماهم الله سبحانه وتعالى به من مهلكات فى هذه الدنيا.
وأخو عاد، هو «هود» عليه السلام، وعاد هم قومه، وسمّى أخاهم، لأنه منهم، وليس غريبا عنهم..
والأحقاف، جمع حقف، وهو الكثيب من الرمل، يستطيل، ويمتد فى غير استقامة..
وقد كانت منازل عاد على مثل هذه الأماكن، وهى فى جنوب اليمن، وفيها إرم، ذات العماد..
وقوله تعالى:«وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ» أي مضت النذر التي رآها القوم، أو سمعوا أخبارها من آبائهم.. فالنذر التي بين يديه هى الأحداث القريبة، والتي من خلفه، هى الأحداث البعيدة.. كما يقول الله سبحانه على لسان هود مذكرا قومه بما حدث لقوم نوح:«وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً»(٦٩: الأعراف) .
وقوله تعالى:«أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ» هو النذير الذي أنذر به هود قومه، وهو تحذيرهم من أن يعبدوا غير الله.. فإنهم لو عبدوا غير الله لساءت عاقبتهم، ولحل بهم العذاب الأليم فى الدنيا والآخرة جميعا..