وفى إفراد «فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ» إشارات:
أولها: أن الذي يكون على بينة من ربه، وعلى هدى منه، إنما هو إنسان استقلّ بنظره، وأحقكم إلى عقله، ولم يكن منقادا لهوى غيره، أو منساقا وراء هوى نفسه.
وثانيها: أن المؤمنين- وإن كانوا ذواتا كثيرة متعددة- كل منهم له كيانه ووجوده الذاتي المتحرر من التبعية الاعتقادية- هم جميعا ذلك المؤمن الذي على بينة من ربه.. فكل مؤمن يرى وجوده ووجهه فى هذا المؤمن..
وثالثها: أن المؤمن الذي يكون على بينة من ربه يرجح ميزانه موازين غير المؤمنين جميعا..
وفى إفراد «زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ» وجمع «وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ» - فى هذا أكثر من إشارة كذلك..
فأولا: إفراد الذي زين له سوء عمله مع بناء فعله للمجهول، يشير إلى أن هذا التزيين، وإن كان يرد على الإنسان من جهة تزين له المنكر، وتغريه به، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى:«وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ»(٢٥: فصلت) ..
- هذا التزيين وإن كان يرد على الإنسان من خارج- فإنه لا يدفع عنه حمل المسئولية، ولا يعفيه من الحساب والجزاء، إذ كان لكل إنسان ذاتيته ووجوده.. والله سبحانه وتعالى يقول:
«كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ»(٢١: الطور) ويقول سبحانه: