لا يمكن أن تجتمع منه ذنوب.. فهو ذنب قليل، كمّا وكيفا..
وثانيا: فى وقوع فعل الاستغفار على الذنب، فى قوله تعالى:«وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» ، إشارة أخرى، إلى أن هذا الذنب لم يدخل على النبي صلوات الله وسلامه عليه شىء منه، بل ظلت ذاتية النبي فى صفائها ونقائها، وظل هذا الذنب كائنا يحوم بأجنحته حول حمى النبوة، دون أن يقدر على اختراق هذا الحمى..
ففى إفراد الذنب، وعزله عن ذنوب المؤمنين- تكريم للنبى، وإعلاء لقدره، وتنويه بمقامه عند ربه، وأنه شىء، وهذا الذنب شىء آخر.. إن هذا الذنب هو الذي يحتاج إلى معالجة، أما النبي الكريم فهو على الصحة والسلامة.
وثالثا: فى قوله تعالى: «وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» هو مقابل لذنبك..
فالنبى إذ يستغفر لهذا الذنب الذي كان منه، عليه كذلك أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات الذين هم غرس يده.
وإن عمل النبىّ- أيّا كان هذا العمل- هو عمل مبرور.. وإن ما يعمله النبىّ ويحسب عليه من قبيل الذنب.. وعمل مبرور كذلك، وإن لم يستوف غاية البرّ.. شأن عمل النبي هنا، فى هذا شأن المؤمن أو المؤمنة، يتلبسان بالذنوب، ويختلطان بالآثام.. ثم هما- مع ذلك- أقرب إلى الله، وأدنى إلى رحمته ممن لا يؤمنون بالله، ولو لم يواقعوا إثما، أو يفعلوا منكرا..
فكما أن الإيمان يحمى المؤمن من غائلة المعاصي، التي تقع منه، وذلك بأن يتوب إلى الله فيتوب الله عليه، ويستغفر لذنوبه فيغفر الله له.. على حين أن غير المؤمن لا يقبل منه عمل أبدا- كذلك النبوّة تحمى النبىّ من أن يعلق به ذنب، أو تتحكك بحماه معصية.. إن ذنبه طاهر أشبه بطهر المؤمن أو المؤمنة. -