وصفت بها الآية، من كان فى قلوبهم مرض.. «رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ» ..
وفى قوله تعالى:«فَأَوْلى لَهُمْ» دعوة إلى هؤلاء المؤمنين الذين فى قلوبهم مرض- دعوة لهم إلى ما هو أولى وأوفق بهم أن يفعلوه فى هذا الموقف.. فإن كلمة «فَأَوْلى لَهُمْ» ، تعنى أن هناك انحرافا لا يصحّ للإنسان أن يظل فيه، وأن هناك ما هو أولى به، وأحق من هذا الموقف..
وهذا يعنى:
أولا: أنهم على غير الطريق السوىّ، الذي ينبغى أن يكون عليه المؤمن..
وأنه من الخير لهم أن يعيّروا من وضعهم هذا الذي هم فيه..
وثانيا: أنهم- وهم مؤمنون- مطلوب منهم أن يكشفوا عن الآفات التي تعرض لهم، وتحاول أن تفسد عليهم إيمانهم، لأنهم أولى الناس وأجدرهم بأن يكونوا على الصحة والسلامة.. إنهم مؤمنون بالله، وإن المؤمن ليبلغ به إيمانه أقصى درجات الكمال البشرىّ، إذا هو كان على نية مخلصة، صادقة، وعلى وعى وإدراك للحقائق الدينية التي آمن بها..
وهنا سؤال:
أين خبر المبتدأ:«فأولى لهم» ؟
هذا ما أراد النظم القرآنى أن يكون مثار بحث وتفكير.. حتى إذا أخذ العقل طريقه للبحث عن هذا الخبر، ثم اهتدى إليه، أو هدى إليه- كان له فى النفس موقعه الذي يحقق له وجودا ذاتيا متمكنا، فى إدراك الإنسان وشعوره..