أي أن الأولى بالمؤمنين، هو الطاعة المطلقة، لما تدعو إليه آيات الله، وهو القول المعروف، أي الحسن الذي يلقى المؤمنون به ما يتنزل عليه من تلك الآيات- فهذا عمل باللسان.. يكشف به ليؤمن عن ظاهره.. فإذا جاء وقت الابتلاء والاختبار، استكمل المؤمن إيمانه، بأن يجعل هذا الكلام الذي نطق به اللسان، وكشف به عن ظاهر حسن له- أن يجعل هذا الكلام عملا واقعا، وأن يصدّق فعله قوله.. فإن قولا لا يصدّقه الفعل، هو باب من أبواب النفاق..
فقوله تعالى:«فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ» أي إذا جاء وقت الابتلاء، وهو الجهاد، الذي أمر الله به المؤمنين، أصبح هذا الأمر عزيمة لا يجوز للمؤمن أن يترخّص فيها، أو ينكل عنها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ» أي فإذا جاء أوان الجهاد نكشفت على محكّه حقيقة الإيمان، وظهر الصادقون والكاذبون، فلو أن هؤلاء المؤمنين صدقوا الله فيما أعطوا من إقرار بالإيمان به، وجاهدوا فى سبيله- لو أنهم فعلوا ذلك لكان خيرا لهم..
فالفاء فى قوله تعالى:«فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ» هى للتفريع، والتعقيب على كلام محذوف، هو جواب «إذا» فى قوله تعالى: «فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ» -، أي فإذا عزم الأمر انكشفت أحوال المؤمنين وأقوالهم، وظهر الصادق والكاذب..
فلو صدق هؤلاء المتخلّفون، أو الذين تحدّثهم أنفسهم بالتخلف- لو صدقوا الله وجاهدوا، لكان خيرا لهم..
ويلاحظ فى نظم الآية الكريمة، أنها لم تأخذ الخط الطبيعي الذي تقوم عليه العلاقات بين الكلمات، والترابط بين أجزاء العبارات والجمل.. كما