وما زال الموقف جامدا فى الظاهر.. ولكنه يتحرك فى خفاء لالتحام قريب! ولا ندرى متى يكون هذا اليوم الذي نلتحم فيه مع اليهود.. ولكن الذي نؤمن به ولا نشك فيه، هو ما وعدنا الله به، من النصر على اليهود دائما..
«وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ» .. فالنصر آت لا ريب فيه، وإنه لنصر يلبس اليهود ثوبا جديدا من أثواب الذلة التي ضربهم الله بها! وقد يبدو لبعض الناظرين إلى هذا الحدث، من خلال المدافع، وبين دخانه وضبابه- أن يتأول الآية الكريمة، وأن يرفع حكمها العام المطلق، ويرتفع به إلى الماضي البعيد، وإلى ما كان بين اليهود والنبىّ من قتال، أخزى الله فيه اليهود، وكبتهم، وأنزلهم من صياصيهم، وقذف فى قلوبهم الرعب، فاستسلموا للهزيمة، ونزلوا على حكم النبىّ فيهم، فقتل من قتل، وسبى من سبى، وأجلى من أجلى.. حتى إذا كانت خلافة عمر بن الخطاب لم يكن اليهود إلا جماعات متفرقة فى الجزيرة العربية، لا تملك غير الكيد والدس، ولا تعيش إلا على الكذب والنفاق، فأجلاهم عن الجزيرة العربية جميعا!! قد يبدو لبعض المتأولين أن يتأول الآية الكريمة على هذا الوجه، ويقف بها عند حدود الزمن الذي نزلت فيه، ويجعل أسباب نزولها مقيدا بهذا الوقت.. وذلك ليحمى كلام الله من المجازفات التي تنجم عن تعميم هذا الحكم الذي تحمله، والذي قد لا تجىء الأيام بتصديقه، خاصة وأن محامل الآية الكريمة تقبل هذا الوجه من التأويل ولا تردّه! فمالنا إذن لا نقبل هذا التأويل؟ ولم نغامر تلك المغامرة الخطرة بآية من آيات الله، ونحمّلها مالا تحتمل، لنتخذ منها أملا يدفىء صدورنا، ويطمئن قلوبنا، ويخفف آلام جراحنا التي نعانيها من هذا الحدث الذي نعيش فيه، فى مرارة، وألم، وقلق؟