يسمع منطوقه، ولا يكاد يعرف مفهومه إلا لأهل العلم فى هذا الباب..
وقد كان للمنافقين من لحن القول هذا، نماذج، كشف القرآن الكريم عن بعض منها، لتكون للنبى وللمؤمنين معلما من معالم الكشف عن نفاق المنافقين، فى لحون أقوالهم.. فيقول سبحانه، عن مقولة من أقوالهم:
«وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ، وَراعِنا.. لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ.. وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ»(٤٦: النساء) فهم يقولون: «سَمِعْنا» .. يقولونها جهرة، ثم يتبعونها بقولهم سرا «وَعَصَيْنا» ! أي يعطون النبي تسليما بالسمع، لقد سمعوا ما قال، ويبدو من هذا أنهم مؤمنون، ولكن يضمرون فى أنفسهم، ويحركون على ألسنتهم العصيان لهذا الذي سمعوه.. وهم يقولون للنبى:«اسمع» أي اسمع منا ما نقول لك،.. يقولون ذلك جهرا، ثم يتبعون ذلك بدعاء خفى على النبي:«غير مسمع» أي أصمّ، لا تسمع.. وهو دعاءه أي اسمع.. لا سمعت.. لعنهم الله بما قالوا..
وهم يقولون فيما يقولون من خطابهم للنبى:«راعِنا» أي ارعنا، وانظر إلينا.. ويلوون بها ألسنتهم، فتخرج منطوقة هكذا «راعنا» بالتنوين المدغوم..
وهى من الرعونة، والطيش، يدعون بها على رسول الله.. أي ذا رعونة، مثل لابن، وتمر، أي صاحب لبن وتمر..
وقد رسم الله سبحانه وتعالى صورة سليمة مستقيمة لهذا الكلام السقيم المعوج، فقال تعالى:«وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ..»
ومن هذه الأساليب وأمثالها مما ينطق به المنافقون- عرف النبىّ المنافقين، وعزلهم عن المجتمع الإسلامى.. وكان كثير من المؤمنين، يعرفون وجوه المنافقين