للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنا مطمئنون إلى فهمنا للآية الكريمة، واثقون من معطياتها التي لا تتخلف أبدا..

بل وأكثر من هذا.. إننا ندعو إلى أن يفهمها المسلمون جميعا هذا الفهم الذي فهمناها عليه، وأن ينتظروا تأويلها فى الأيام المقبلة كما ننتظره.. فإن أخلفهم من الآية هذا الوعد، وإن وجدوا لهذا الإخلاف غمزة فى دينهم، أو حرجا منه فى صدورهم، أو خلخلة له فى قلوبهم- فالحكم الله بينى وبينهم! ولن يخزينا الله أبدا.. ولن يخلفنا وعده الذي وعد! وكيف؟

والله سبحانه وتعالى يقول فى اليهود، بعد هذه الآية الكريمة، مؤكدا وعده الذي وعدنا..

«ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ» .

فهذا الحكم عام شامل غير محصور بمكان، أو مقيد بزمان! «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ» والتعبير بضرب الذلة عليهم فيه إحكام لهذا الحكم الواقع بهم، وأن الذلّة التي رماهم الله بها، ذلة متمكنة، مختلطة بوجوهم، كما يختلط لون الجلد بالجلد.. لا يتغير ولا يتبدّل أبدا! وفى قوله تعالى: «أَيْنَما ثُقِفُوا» حكم قاطع بمصاحبة الذلة لهم، أينما وجدوا، وأينما كانوا، فى كل موطن، وفى كل زمن! هكذا هم فى ذلة وهوان، أبد الدّهر.. ذلة فى أنفسهم، وذلة بأيدى من يذلّونهم من عباد الله المسلطين عليهم. فإن نجوا من هذه الذلة التي يسوقها الناس إليهم، لم يخرجوا من تلك الذلة المستولية على طبيعتهم! وقوله تعالى: «إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ» .. الحبل العهد والعقد.. والمعنى: ضربت عليهم الذلة أبدا، إلّا أن يدخلوا مع المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>