وقد نزلت هذه السورة الكريمة، بعد صلح الحديبية، الذي كان يرى كثير من المسلمين عند عقد هذا الصلح، أنه أشبه بالاستسلام.. فلقد كان النبىّ صلى الله عليه وسلم قد دعا أصحابه إلى أن يهيئوا أنفسهم لأداء العمرة، وكان ذلك فى السنة السادسة من الهجرة.. فلما تمّ لهم ذلك، سار بهم النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- إلى مكة، يسوقون الهدى أمامهم، ويحبسون سيوفهم فى أغمادها. فلما دنوا من مكة، كانت قريش قد استعدّت للحرب، إن دخل النبىّ والمسلمون عليهم مكة..
وقد بعث إليهم النبىّ أنه إنما جاء معتمرا لا محاربا.. ولكن القوم ركبوا رءوسهم، وأبوا إلّا أن تكون الحرب، إن دخل النبىّ والمسلمون مكة.. وقد كادت الحرب تقع، وخاصة حين جاءت إلى المسلمين شائعة بأن عثمان ابن عفان، رضى الله عنه، قد نالته قريش بسوء، وكان الرسول الكريم، قد بعث عثمان إلى قريش، يخبرهم بالأمر الذي جاء من أجله النبىّ والمسلمون..
ثم انتهى الأمر أخيرا إلى عقد صلح يقضى بأن يرجع النبىّ والمسلمون عامهم هذا، وأن يعودوا فى العام القابل، فتخلى لهم قريش مكة، فيدخلها النبىّ وأصحابه ثلاثة أيام يقضون فيها عمرتهم..
وقد كثرت مقولات المسلمين، رفضا لهذا الصلح قبل أن يتم، وتعقيبا عليه بعد أن تمّ.. حتى لقد خلا عمر بن الخطاب، بأبى بكر، رضى الله عنهما، وأسرّ إليه بما فى نفسه من هذا الصلح الذي يرى فيه غبنا على المسلمين، وحتى لقد جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له:
«يا رسول الله: ألسنا على الحق؟ أليس القوم على الباطل؟ قال رسول الله: